قال ابن قاضي الجبل وغيره : الناسخ يطلق على الله سبحانه وتعالى يقال : نسخ فهو ناسخ ، قال الله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننسها ) ويطلق على الطريق المعرفة لارتفاع الحكم من الآية ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره والإجماع على الحكم ، كقولنا : وجوب صوم رمضان نسخ صوم يوم عاشوراء . وعلى من يعتقد نسخ الحكم ، كقولهم : فلان ينسخ القرآن بالسنة ، أي يعتقد ذلك فهو ناسخ والاتفاق على أن إطلاقه على الأخيرين مجاز ، وإنما الخلاف في الأولين ، فعند المعتزلة : حقيقة في الطريق لا فيه تعالى ، وعند الجمهور : حقيقة في الله تعالى مجاز في الطريق ، والنزاع لفظي . انتهى . ( والمنسوخ : الحكم المرتفع بناسخ ) كالمرتفع من وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم .[1]
4- أنه لم يبلغ إلينا أن الرسول قد رجع عن لفظ من ألفاظ حديثه أو بدله بغيره، فكيف نثبت ذلك لله عز وجل؟
والرأي الأخير من المؤلف قد نختلف أو نتفق معه، فنس أحكام القرآن لبعضها بعضا ليس مستحيلا عقليا وجائز في الوقوع لأنه نوع من أنواع التدرج في التشريع كما أنه لا يتناقض مع المبدأ الإلهي في حفظ الذكر الحكيم، كما أنه واقع فعلا حسب رأي الكثير من العلماء. أما رأي المؤلف الأهم في نفي نسخ التلاوة عن القرآن الكريم والذي تابع فيه العلامة الغماري – وقد استند الغماري في آرائه إلى بعض القدماء ولكنه لم يحدد أسماؤهم- فهذا الرأي مما يجب علينا جميعا اعتباره القول الفصل والرأي الحاسم في تلك المسألة لأن الرأي القائل بوجود نسخ للتلاوة في القرآن الكريم أدى إلى شناعات وفتح بابا للحاقدين والمبشرين وأعداء الإسلام، وهذا الرأي من المؤلف يمثل القيمة الجوهرية لكتابه هذا وقد نوه هو بذلك في مقدمة كتابه، وقد آثرت تأخير هذا التنويه إلى نهاية العرض ليكون توكيدا أخيرا وليس تمهيدا على الفكرة الرئيسية في الكتاب. يقول المؤلف " فكان هذا البحث الذي بين أيدينا عارضا لأقوال الأصوليين ومفترضا رأيا جديدا تجاه النسخ في القرآن، حيث يقر النسخ في السنة المشرفة ويبقي على ما ذهب إليه الأصوليون من آراء ومباحث في مجال السنة فقط مع القول بعدم وجود النسخ في القرآن وإن أقر بوجود تغير الأحكام فيه لتغير الأحوال بحيث يمكن أن يستفاد مما ورد في الكتاب الكريم كلما رجع الحال إلى ما كان عليه الأمر الأول، منزها القرآن عن مجرد شبهة التحريف ومنزلا إياه على ما يليق به من خطاب العالمين إلى يوم الدين" [2]
[2] النسخ عند الأصوليين ,المؤلف: أ. د علي جمعة مفتي الديار المصرية ,الناشر: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ,تاريخ النشر: الطبعة الأولى فبراير 2005
Mumtaz..,
BalasHapus